بالعربي
Updated: Oct 15, 2018
أعزائي المتابعين، كان لا بد لي أن أنشئ أيضا صفحة خاصة باللغة العربية. ففي نهاية المطاف، الهدف من هذه المدونة هو المساعدة على تعليم اللغة العربية، خصوصا لأولياء الأمور العرب المقيمين في المهجر، أو للأجانب ممن لديهم شغف باللغة العربية ويرغبون بتعليمها لأطفالهم.
بصراحة، تفاجأت بندرة الموارد والمصادر عندما ههمت بإنشاء المدونة وعندما بدأت رحلتي الشخصية لتعليم طفلتي ذات الخمس سنوات اللغة العربية. ابنتي "أنجلا" كانت إلهامي في هذا المشوار، وقد قمت بتكريس نفسي وتسخير عدد كبير من ساعات العمل يوميا لأضع خطة واضحة، بهدف تعليمها لغتنا العربية الجميلة.
كمقيمة في بلد أجنبي، لاحظت مدى ابتعادنا عن اللغة العربية يوما بعد يوم، خصوصا في غياب مجتمع عربي حيث أقيم. وقد كانت لغتنا الأساسية في المنزل للتعامل مع ابنتنا "أنجلا" الإنكليزية بشكل أساسي، مع القليل جدا من العربية. وأعزو ذلك لسبب تواجدنا في مجتمع لغته الأساسية هي الإنكليزية، وابتعادنا طبعا عن الأهل والأصدقاء، ناهيك أن لغة المدرسة والتلفاز هي الإنكليزية، بالإضافة لتأخرها في النطق، كما يحصل مع العديد من الأطفال، مما جعلنا نركز على اللغة الإنكليزية بشكل أساسي.
وقبل أن تبلغ "أنجلا" عامها الخامس، شعرت بضرورة التفكير جديا بتعليمها اللغة العربية، بطريقة ما. كنت حائرة في أمري، خصوصا أنني لست في مجال التعليم، وكنت قد ابتعدت حتى أنا شخصيا عن لغتي الأم. فمعظم دراستي الأكاديمية والجامعية كانت باللغة الإنكليزية، وحتى إنها كانت لغة العمل والتواصل في الحياة اليومية. وقد لفتني عند اختلاطي بالجنسيات الأخرى في بلاد المهجر، كيف أنهم يعتزون بلغتهم الأم وثقافتهم. كما لفتني شغفهم بالقراءة وكيف يحببون الطفل بها منذ نعومة أظافره. فالأم تهتم بالقراءة لطفلها منذ ولادته، وتحرص أن يكون الكتاب وجبته الروحية والثقافية قبل النوم. وتدأب المدارس على تشجيع الأطفال على القراءة، بجعل القصص والكتب متاحة أمامهم للاستعارة، وكذلك المكاتب العامة. ووجدت أن رسالة التعليم هي ليست "الحشو والتدريس المباشر" كما درجت العادة في البلدان العربية، بل هي تنمية حب الاطلاع والمعرفة عند الطفل، وبناء شخص "قادر على التعلم" وعلى التأقلم في عصرجديد وديناميكي يتغير ويتبدل كل يوم. فبوجود التكنولوجيا، أصبحنا في عالم متجدد، وما نعرفه اليوم قد يتغير في ظرف ساعات، ويجب أن يكون الجيل القادم قادر على التأقلم والتعلم بشكل مستمر. وطبعا، هذه المهارات لا تكتسب بأسلوب الحشو والتحفيظ، بل بالتحفيز والتنمية الفكرية.
كان أيضا مهما بالنسبة لي، أن أبدأ بتعليم أنجلا لغتي ولغة اجدادها، لأن اللغة جسر للتواصل الحضاري والثقافي. كم سيكون مؤسفا عندما تكبر ابنتي ولا تستطيع التواصل مع جدها أو جدتها بسبب عائق اللغة. وكم سيكون مؤسفا ألا أقدر أن أشرح لها الأمور الصغيرة وحتى التافهة منها في لغتي وثقافتي، لأنها بعيدة عنها. أمور كالنوادر والأمثال الشعبية، والأشعارالتي أحبها، أو القصص أو الأغاني التي تربيت عليها... كيف ستفهم حبي لأغاني فيروز، أو نوادر"أبو العبد" مثلا؟ وكيف حتى سأعبرعن غضبي منها أو حبي لها بلغتي العربية، دون أن أقوم بترجمة مشاعري إلى الإنكليزية.
كان قد حان الوقت ودقت الساعة كما يقولون. كان الوقت المناسب للبدءهو "الآن وفورا". وهكذا بدأت رحلتي الشاقة. أدركت أنني كنت ساذجة بعض الشيء في توقعاتي وتمنياتي. فقد توقعت وتمنيت أن أجد بكل سهولة وبساطة مصادر لا متناهية تهدف إلى تعليم اللغة العربية للأطفال، وبشكل عصري ومحبب لهم. فأصبت بخيبة أمل كبيرة، وأدركت أننا نعاني من ضعف في الإنتاج والإبداع، مقارنة مع اللغة الإنكليزية أو اللغات الأخرى، وأخذا بعين الإعتبار عدد المتحدثين باللغة العربية. ثم تذكرت أننا شعوب لم نعتد القراءة بالإجمال، فكيف سنجد الإبداع. والدليل أنك عندما تقوم مثلا ببحث على محرك "غوغل" عن قصص قصيرة مصورة باللغة العربية، لن تجد إلا القليل منها، خاصة المجاني. كما أنه سيكون مصاغا بشكل ممل ويفتقر إلى التجديد ومحاكاة العصر، مقارنة مع نظيره في اللغة الإنكليزية. فأين الكتب السمعية والمنصات التفاعلية التعليمية الإلكترونية، وأين القصص الملونة الجميلة والبسيطة العصرية؟ كما أن أغلب المصادر تركز على تعليم اللغة العربية بهدف تعليم الدين، دون الأخذ بعين الإعتبار رغبة الكثيرين بالتعلم أو تعليم أطفالهم بدون التطرق إلى ذلك. وقد فاجأني واستفزني ارتفاع أسعار هذه القصص أو الكتب على منصات الشراء الالكترونية، وكأن الهدف الوحيد هو الربح المادي وباستغلال ندرة الموارد لمضاعفة هذه الأرباح.
كل هذه الأسباب العامة والشخصية، دفعتني إلى أن أبدأ هذه المدونة وأقوم بنفسي بتعليم ابنتي اللغة العربية. وقد قمت بانتاج عدد من الفيديوهات والكتب الإلكترونية والصور التعليمية لهذا الهدف، وجعلتها أيضا متاحة للآخرين ممن يودون تعليم أطفالهم العربية مثلي، وبشكل مجاني. وبالرغم من ميزانيتي المحدودة، حاولت أن تكون هذه الإنتاجات عصرية وجذابة للطفل. وقد قمت بكتابة عدة مقالات في المدونة بهدف إرشاد الأهالي إلى الأساليب العصرية والمستحبة في تعليم اللغة العربية لأطفالهم.
وقد ازدادت مثابرتي على العمل وازداد تعلقي باللغة العربية، بعد أن لمست تطورا عند ابنتي، ولاحظت أيضا تعلقها باللغة العربية. ففي خلال بضعة أشهر أصبحت تحب سماع القصص باللغة العربية، وتتابع الفيديوهات التعليمية العربية على "يو تيوب"، كما أنها تعملت الأحرف الأبجدية كاملة، قراءة وكتابة في خلال خمسة عشر يوما فقط. وأصبحت تحادثني ببعض الكلمات والعبارات العربية. ولا أستطيع أن أصف سعادتي عندما تعبر لجدها وجدتها عن حبها لهما بالعربي، وكم تضحكني عندما تحاول أن تغني أغنية ما بالعربي. كما ازداد ايماني بواجب المتابعة والمضي قدما ببناء وتوسيع المدونة، بفضل دعم الأهل والأصدقاء والمتابعين. وأيضا زاد تواضعي، ولذلك ألتمس منكم التفاعل وتبليغي عن الأمور التي تهمكم وكيف يمكن أن نساهم معا بنشر اللغة العربية وإغناء مصادر تعليمها لأطفالنا والأجيال القادمة.
بإمكانكم المساهة مثلا عن طريق تقديم كتب الكترونية بهدف تعليم اللغة العربية للأطفال أو كتيبات تمرين، سأقوم بنشرها للتحميل المجاني في المدونة، أو مشاركة مصادر أخرى مهمة لهذا الغرض. وببساطة أيضا يمكنكم مشاركة الأصدقاء والأهل وتعريفهم بالمدونة، حتى تتسع دائرة التفاعل ويعكس المضمون الإحتياجات الواقعية للأهالي الراغبين بتعليم أطفالهم اللغة العربية في المهجر. لذلك آراءكم تهمنا ومشاركتم تهمنا. فلا تنسوا أن تشتركوا بخدمة رسائلنا الإلكترونية، ولا تنسوا أن تتركوا تعليقا ولو بسيطا عن رأيكم بالمحتوى وكيف يمكن تطويره. وكخاتمة أتمنى لكم جميعا التوفيق والنجاح في رحلتكم الشخصية مع أطفالكم، وأنتظر بفارغ الصبر أن أطلع على تفاصيلها منكم.